الاعتقال..!!
…في الهزيع الاخير من الليل.. اذا بالباب تطرق بعنف، طرقات متوالية كالرعد القاصف، كذبت سمعي في البداية أيكون هذا حلماً ام كابوساً من الكوابيس المزعجة، أصغت السمع مرة أخرى واذا به يصيب في هذه المرة بعكس المرة السابقة، استيقظ الجميع في حالة مفزعة يا ترى ماذا حدث؟ ولماذا كل هذا الضجيج؟ وعلامة التعجب والاستغراب قد كست الوجوه من سيأتي في هذا الوقت، مستحيل ان يكون زائراً، إخوتي يتواجد معظمهم قبل العاشرة في المنزل ولم يكن أحد في الخارج، وسريعاً توجه بي فكري الى زوار الليل وهم يجرون أحد أبناء البلد الصالحين من الخيرة الطيبة.. رأيت صورته وهو مكبلاً بالقيود يسحب بكل قوة وعنف بأيديهم الآثمة، يا ترى هل سيعود؟ ومتى يعود؟ وكيف سيعود والقضبان تحاصره من كل جانب، وكيف سيتمكن من الإفلات من قبضتهم،… اشتد طرق الباب أكثر فاكثر، كانت اصوات طرقات الباب عالية جداً، كان والدي يسير بخطوات متثاقلة تجاه الباب وقبل ان يبادر هو لفتح الباب، دفع الباب بقوة واصطدم بجسده، أقبل رجل ضخم الجثة طويل القامة وأخذ يصرخ بغضب شديد اين هي؟ فوجئ والدي بما يريد فأتى اليهم محاولاً الاستفسار منهم لماذا كل ذلك؟ وقبل ان يعطي أي فرصة للكلام ذرعوا المنزل بغير استئذان، أثارت الدهشة والدي ماذا يريد هؤلاء؟ ولماذا يستخدمون هذا الاسلوب؟ ولماذا يعتقلون فتاة لم تبلغ العشرين بعد؟… اما هم فقد كانوا أربعة رجال مقنعين أنفسهم بلثام، ذوي قامات طويلة، ارتادوا المنزل، أخذ كل واحد منهم يبحث في مكان، كأنهم يبحثون عن ضالة ثمينة خاصة بهم فقدوها، ولربما كانت ضائعة فهاهم يبحثون عنها، واذا بشخصين آخرين قد استلما مكانيهما امام الباب بعد ان أشارا لمن في الداخل بعدم الخروج، كانت اعمارهم تقارب الثلاثين، أذهلني منظرهمان كانا شديدي السواد يحملان وجوهاً مخيفة، يرتديات الزي العسكري وكل واحد بيده سلاح من نوع كبير، حيث تطوّق صدريهما أشرطة من الرصاص، بينما هما كذلك واذا برجل قد أوسعا له الطريق، يبدوا أنه رئيسهم، حتى أنهما كادا يركعان له بالتحية، فقد كان شخصية مخيفة، معتدل القامة لا يتجاوز 170 سم يتميز بالصلافة والجفاف والنبرة الحادة، لكنه لا يرتدي لثام كما الآخرين، كان محافظاً على مظهره واناقته، يرتدي ثوباً أبيض، مع كوفية حمراء، إنني مسؤول المباحث في منطقة القطيف، هكذا عرّف نفسه وبكل وقاحة معلناً أسمه (عايض القحطاني). بعدها أمسك بوالدي من ثوبه وهزه هزاً عنيفاً، وقد أطبق على رقته وهو يزمجر قائلاً اين هي تلك اللعينة؟ اخرجها ولا تحاول اخفائها والا قتلتك!!! دفع والدي مرة أخرى وأقعده على الأرض اراد مقاومتهم، حاول ان يتفوه بكلمة تجاههم، لكنه وجه السلاح إلى رأسه مشيراً اليه بالصمت، إتجه إلى نواحي المنزل وهو يعربد بصوته المزعج اين انت؟؟ لا تحاولي الهرب؟ فإنك لن تستطيعي يا رافضة.. وارتفع صراخهم هذا يسب وهذا يشتم والآخر يلعن تحول المنزل الى ساحة لعب بينهم وإطلاق أقذر الكلمات والشتائم، على إثر هذه الاصوات المقززة والتي تشبه أصوات الثيران، استيقظت والدتي فزعة حينما فتح عليها الباب من قبل أحد الملثمين، وهو يعوي بصوته اين هي؟ لا تحاولي اخفائها، والدتي أصابها الخوف ماذا يقصد من وراء كلامه أهي ضالة فقدوها ام ماذا؟ سألته ما قصدك وعن ماذا تبحث؟ قال إبنتك فازدادت نبضات قلبها وعجز لسانها عن الكلام وتماطلت بالوقوف صامتة… يا ترى هل تصارع شيئاً بداخلها ام ماذا؟.. كانت والدتي خائفة ولكن أي خوف؟ خوف طبيعي كما تخاف أي ام على إبنتها يا ترى ماذا يريدون منها؟ وماذا عملت لهم؟… انا اعرفها جيداً لا يمكن ان تكون قد ارتكبت خطأ، فأخذت هواجس القلق، تحيط بها من كل جانب، كيف سيأخذونها وهي إبنتي الكبرى وساعدي الايمن في المنزل؟.. وهل ستعود؟ ماذا سيقولون لها وما الذي ارتكبته في حقهم؟؟؟ بعد ان استعادت قوتها قالت له امكث أنت هنا وأنا سآتي بها اليكم ولكنه رفض ذلك بشدة وأخذ ينهال عليها بالسب والزجر حيث خرج واغلق الباب بقوة في وجهها.
.. ذهبوا إلى غرفتي قلّبوا ما فيها رأساً على عقب لقيامهم بعملية البحث داخلها (التفتيش) لعلهم يحصلون على شيء ولم اكن موجودة بها، لقد كنت متواجدة في غرفة اخوتي الصغار الذي اصابهم الذعر من قبل هؤلاء، حيث كنت ارقب الامور على مقربة من الشرفة… تعالت أصواتهم حينما وجدوا الغرفة فارغة، فازدادت حماقتهم وأدت بهم الى تحطيم ما هو موجود،
السبت أغسطس 16, 2008 7:17 am من طرف ابوالمخاتير