بيجو 77
السويس اول السويس ثان السويس ثالث المنتدى القانونى منتدى التعارف والتهانى ابو المخاتير العجيب الاتصالات وعالم الانترنت الصحافة السيارات حبيبتى السويس المنتدى السياسى منتدى عالم الجريمة منتدى للشباب منتدى للبنات منتدى الرياضة منتدى الاغانى.............انضم معنا وسجل
بيجو 77
السويس اول السويس ثان السويس ثالث المنتدى القانونى منتدى التعارف والتهانى ابو المخاتير العجيب الاتصالات وعالم الانترنت الصحافة السيارات حبيبتى السويس المنتدى السياسى منتدى عالم الجريمة منتدى للشباب منتدى للبنات منتدى الرياضة منتدى الاغانى.............انضم معنا وسجل
بيجو 77
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


بيجو 77 هو احلى منتدى للهوايات والذكريات التى عشناها
 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولصحافة pejoo77

 

 يوميّات امرأة فى السحون السعودية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابوالمخاتير
الكنج
الكنج
ابوالمخاتير


عدد الرسائل : 259
العمر : 56
العضو المتميز : يوميّات امرأة فى السحون السعودية Member
رقم العضوية : 2
تاريخ التسجيل : 18/03/2008

بطاقة الشخصية
الاسم/: أشرف مختار
تاريخ الميلاد: 26/4/1968
الدولة: مصر

يوميّات امرأة فى السحون السعودية Empty
16082008
مُساهمةيوميّات امرأة فى السحون السعودية

الاعتقال..!!
…في الهزيع الاخير من الليل.. اذا بالباب تطرق بعنف، طرقات متوالية كالرعد القاصف، كذبت سمعي في البداية أيكون هذا حلماً ام كابوساً من الكوابيس المزعجة، أصغت السمع مرة أخرى واذا به يصيب في هذه المرة بعكس المرة السابقة، استيقظ الجميع في حالة مفزعة يا ترى ماذا حدث؟ ولماذا كل هذا الضجيج؟ وعلامة التعجب والاستغراب قد كست الوجوه من سيأتي في هذا الوقت، مستحيل ان يكون زائراً، إخوتي يتواجد معظمهم قبل العاشرة في المنزل ولم يكن أحد في الخارج، وسريعاً توجه بي فكري الى زوار الليل وهم يجرون أحد أبناء البلد الصالحين من الخيرة الطيبة.. رأيت صورته وهو مكبلاً بالقيود يسحب بكل قوة وعنف بأيديهم الآثمة، يا ترى هل سيعود؟ ومتى يعود؟ وكيف سيعود والقضبان تحاصره من كل جانب، وكيف سيتمكن من الإفلات من قبضتهم،… اشتد طرق الباب أكثر فاكثر، كانت اصوات طرقات الباب عالية جداً، كان والدي يسير بخطوات متثاقلة تجاه الباب وقبل ان يبادر هو لفتح الباب، دفع الباب بقوة واصطدم بجسده، أقبل رجل ضخم الجثة طويل القامة وأخذ يصرخ بغضب شديد اين هي؟ فوجئ والدي بما يريد فأتى اليهم محاولاً الاستفسار منهم لماذا كل ذلك؟ وقبل ان يعطي أي فرصة للكلام ذرعوا المنزل بغير استئذان، أثارت الدهشة والدي ماذا يريد هؤلاء؟ ولماذا يستخدمون هذا الاسلوب؟ ولماذا يعتقلون فتاة لم تبلغ العشرين بعد؟… اما هم فقد كانوا أربعة رجال مقنعين أنفسهم بلثام، ذوي قامات طويلة، ارتادوا المنزل، أخذ كل واحد منهم يبحث في مكان، كأنهم يبحثون عن ضالة ثمينة خاصة بهم فقدوها، ولربما كانت ضائعة فهاهم يبحثون عنها، واذا بشخصين آخرين قد استلما مكانيهما امام الباب بعد ان أشارا لمن في الداخل بعدم الخروج، كانت اعمارهم تقارب الثلاثين، أذهلني منظرهمان كانا شديدي السواد يحملان وجوهاً مخيفة، يرتديات الزي العسكري وكل واحد بيده سلاح من نوع كبير، حيث تطوّق صدريهما أشرطة من الرصاص، بينما هما كذلك واذا برجل قد أوسعا له الطريق، يبدوا أنه رئيسهم، حتى أنهما كادا يركعان له بالتحية، فقد كان شخصية مخيفة، معتدل القامة لا يتجاوز 170 سم يتميز بالصلافة والجفاف والنبرة الحادة، لكنه لا يرتدي لثام كما الآخرين، كان محافظاً على مظهره واناقته، يرتدي ثوباً أبيض، مع كوفية حمراء، إنني مسؤول المباحث في منطقة القطيف، هكذا عرّف نفسه وبكل وقاحة معلناً أسمه (عايض القحطاني). بعدها أمسك بوالدي من ثوبه وهزه هزاً عنيفاً، وقد أطبق على رقته وهو يزمجر قائلاً اين هي تلك اللعينة؟ اخرجها ولا تحاول اخفائها والا قتلتك!!! دفع والدي مرة أخرى وأقعده على الأرض اراد مقاومتهم، حاول ان يتفوه بكلمة تجاههم، لكنه وجه السلاح إلى رأسه مشيراً اليه بالصمت، إتجه إلى نواحي المنزل وهو يعربد بصوته المزعج اين انت؟؟ لا تحاولي الهرب؟ فإنك لن تستطيعي يا رافضة.. وارتفع صراخهم هذا يسب وهذا يشتم والآخر يلعن تحول المنزل الى ساحة لعب بينهم وإطلاق أقذر الكلمات والشتائم، على إثر هذه الاصوات المقززة والتي تشبه أصوات الثيران، استيقظت والدتي فزعة حينما فتح عليها الباب من قبل أحد الملثمين، وهو يعوي بصوته اين هي؟ لا تحاولي اخفائها، والدتي أصابها الخوف ماذا يقصد من وراء كلامه أهي ضالة فقدوها ام ماذا؟ سألته ما قصدك وعن ماذا تبحث؟ قال إبنتك فازدادت نبضات قلبها وعجز لسانها عن الكلام وتماطلت بالوقوف صامتة… يا ترى هل تصارع شيئاً بداخلها ام ماذا؟.. كانت والدتي خائفة ولكن أي خوف؟ خوف طبيعي كما تخاف أي ام على إبنتها يا ترى ماذا يريدون منها؟ وماذا عملت لهم؟… انا اعرفها جيداً لا يمكن ان تكون قد ارتكبت خطأ، فأخذت هواجس القلق، تحيط بها من كل جانب، كيف سيأخذونها وهي إبنتي الكبرى وساعدي الايمن في المنزل؟.. وهل ستعود؟ ماذا سيقولون لها وما الذي ارتكبته في حقهم؟؟؟ بعد ان استعادت قوتها قالت له امكث أنت هنا وأنا سآتي بها اليكم ولكنه رفض ذلك بشدة وأخذ ينهال عليها بالسب والزجر حيث خرج واغلق الباب بقوة في وجهها.
.. ذهبوا إلى غرفتي قلّبوا ما فيها رأساً على عقب لقيامهم بعملية البحث داخلها (التفتيش) لعلهم يحصلون على شيء ولم اكن موجودة بها، لقد كنت متواجدة في غرفة اخوتي الصغار الذي اصابهم الذعر من قبل هؤلاء، حيث كنت ارقب الامور على مقربة من الشرفة… تعالت أصواتهم حينما وجدوا الغرفة فارغة، فازدادت حماقتهم وأدت بهم الى تحطيم ما هو موجود،
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://pejoo77.yoo7.com
مُشاطرة هذه المقالة على: reddit

يوميّات امرأة فى السحون السعودية :: تعاليق

ابوالمخاتير
رد: يوميّات امرأة فى السحون السعودية
مُساهمة السبت أغسطس 16, 2008 7:17 am من طرف ابوالمخاتير
(6)
(اليوم الأول)
…استيقظت سريعاً صباح ذلك اليوم، فأخذت أمعن النظر في هيئة الغرفة وتشكيلتها، ظننت ان الليل لم ينته بعد وأن النهار قد تأخر، ولكن ليس من المعقول فلقد عفوت ما يقارب ثلاث ساعات بعد اداء فريضة الصلاة، لجأت مسرعة نحو الباب كي أتأكد اكثر حيث لم تكن هناك أية نافذة أستيطع أن اطل منها لمعرفة ما اذا كان الوقت نهاراً أم ما زال ليلاً… أصبحت ابحث عن ثقب صغير من الثقوب الموجودة، واذا بثقب يوازي خرم الابرة قد نفذ منه نور بسيط، تيقنت أن النهار قد أقبل لأن النور ينبعث من البوابة المجاورة المواجهة لزنزانتي باشراق أشعة الشمس المنعكسة..
كان باب الزنزانة مغلقاً بإحكام بقفل حديدي كبير لونه أسود مع سلسلة حديدية طويلة.. تذكرت آخر الكلمات التي نطقها المدير (اذا احتجت الى شيء فاطلبي السجانة).. ولكن بأي اسم.. فقلت يا امرأة.. هي.. يا سجانة واذا بها قد أقبلت أخذت تتكلم معي بخشونة سألتها لماذا تعامليني بهذا الشكل وبهذه القسوة، أجابتني (هل نسيت إش سويت البارح،.. تذكرت موقفاً حدث بيني وبينها في ليلة الأمس، حيث بداية د((.....))ي الى السجن وبعد مرور ما يقارب نصف ساعة وأنا في تلك الغرفة المخيفة واذا بها تأتي وترمي بمكنسة كبيرة في وجهي قائلة (هيا قومي عليش شيء إتسوية بلحال بها المكنسة) امرتني بتنظيف الغرفة إضافة إلى تنظيف جميع حواشي السجن والزنزانات ما عدا الزنزانة المجاورة حذرتني من الاقترب منها لوجود امرأة اخرى هناك. مضيفة الى ذلك إعادة التنظيف مرة أخرى بالماء.. هنا صرخت في وجهها أنا لست شغالة لديكم ومهما عملت فلن ألبيّ لك هذا الأمر.. قالت.. (بتشوفي الويل ان رفضت واتصل بالمدير وأقله) وكذا مرة تعيد جملتها كي يتسنى لي فهم ما تقول (فأخذت تتصل عبر جهاز اتصال كان معلقاً خلف الباب مقابل ساعات الكهرباء، فكانت وظيفته اذا كانت هناك مخالفات من قبل المعتقلات تنقل فوراً عن طريق السجانة عبر هذا الجهاز، اضافة إلى تبادل الأوامر بين مسؤولي السجن والسجانة) فبعد انتهائها من الاتصال حضر المدير إلى السجن مكفهر الوجه، حاد، النبرات خشن الصوت، يتبختر في مشيته، ويستعلي كالطاووس في غروره وغطرسته، عادة ما يصيبه التوتر وسرعة الغضب، فها هو يصب جام غضبه على اولئك الجنود حتى وان كانوا في سن والده فيعاملهم اسوأ المعاملة ويفرض عليهم اشد العقاب ويوجه لهم اشد الاهانات واقذرها، فهاهم يترائون للناظر وسط ساحة السجن الملتهبة بحرارة الشمس أحدهم يزحف على بطنه بدون لباس على ذلك الاسفلت المنصهر وقد اصبح جسمه كالجمر من شدة الحرارة، وآخر قد تستعصي حالته لوقوفه على رجل بدون حراك، وذاك قد منع من شرب الماء طوال أربع وعشرين ساعة في ذلك النهار الحار المشبع بالرطوبة، والكثير الكثير من مساوئ هذه الشخصية، شخصية منصور مرعي القحطاني ومن لا يعرفها، حتى الاطفال الصغار يتمثل لهم شبح ورعب مخيف أثناء رؤيتهم له، فها هم لا يسلمون من زجره وسخريته لهم أثناء زيارتهم لآبائهم داخل السجن، وتراه في أكثر الاحيان قد أسدل يداه خلفه وهو يلوح بالخيزران يمنة ويسرى ضارباً هذا ومبعثراً ذاك وكأنه سعى لاستعباد آخرين في تلبية اوامره بالضرب والشتم والتهديد ونادراً ما يتكلم بأدب واحترام وعادة ما يطلق كلمات قذرة تليق بمستواه كمدير…
ها هو قد أقبل والفاظه تسبقه بالسب والشتم والزجر سألني لماذا لا تطيعي وتنفذي أوامر السجانة.. أجبته.. لو تأتي لي بأكبر رئيس للمباحث في المنطقة لما نفذت لكم هذه الأوامر.. وهل هذا من حسن الضيافة هل تكرمون الضيف في اول زيارة هكذا؟ هنا ازداد غضبه وأخذ يهدد ويتوعد وهو يعدو من الباب خارجاً (نحن نعرف كيف نجعلك مستعدة لتنفيذ الأوامر) صفق الباب خلفه وخرج. ومرت تلك الليلة بخير. ما يقارب الساعة التاسعة صباحاً اذا بالأبواب تطرق من جديد وإذا باثنين من الجنود وامرأة أخرى معهم أتت كي تستبدل الدوام مع السجانة الموجودة وعبر حوار بينهما علمت بوجود سبع سجانّات أخريات يتناوبن الدوام الرسمي خلال أربع وعشرين ساعة يومياً.. بعدها ولّت السجانة (نورا) تاركة وصيتها لرفيقتها عليك بهذه وكانت تشير لي، انتبهي لها جيداً، وخرجت على أن تعود في الأسبوع القادم…
(7)
"بداية التحقيق"
…في تمام الساعة السابعة صباحاً من اليوم التالي أحسست بخطوات منتظمة تتقدم باتجاهي ثم بدأت الخطوات بالإسراع، استرقت السمع أدنيت أذني من الباب سمعت أحدهم يقول هل أحضرت (الكلبشة) والآخر يرد عليه بالإيجاب، كانوا ثلاثة من الجنود وكان برتبة عريف ويدعى (عامر) وهو شخصية متكبرة، عالي الصوت وهذه ميزة يعرف بها لدى الجميع فيستطيع الإنسان معرفته وان كان على بعد خمسين متراً او اكثر، مخيف الجسم وله ذقن صغير، رجل خاوي ويحب الإزعاج، فتح الباب بعد ان هزه هزة عنيفة وتقدموا باتجاه زنزانتي وضعوا الكلبشة في يدي وأخرجوني معهم، أثنين من الجنود أحدهم يمشي إلى الأمام والآخر يمشي إلى الخلف إضافة إلى العريف، أما السجانة فقد لزمت يداي بقوة بجانبي حتى لا أتمكن من الأفلات من قبضتها وهي قصيرة القامة، نحيفة الجسم، ترتدي برقعاً اسود اللون واسمها (ظبية) تنتمي إلى قبيلة بني قحطان ويتميز كلامها باللهجة البدوية الحادة.. ما زلنا نواصل السير إلى أن تجاوزنا البناية الخاصة بسجن النساء، مررنا بساحة واسعة جداً كانت مسورة بجدران صلبة حيث يتكون سقفها من أشباك حديدية متراصة في صورة مربعات طولها في عرضها عبارة عن سنتميترات معدودة، خرجنا من الساحة مروراً بممر صغير، باجتيازه دخلنا ساحة كبيرة أخرى كانت تضم مكتب مدير السجن، إضافة إلى أربعة من العنابر التي يتواجد فيها اكثر المعتقلين.. ومن الاتجاه الايمن خلف العنابر وصلنا إلى ساحة اخرى عبر بوابة صغيرة وهذه الساحة تحوي غرف الموظفين، إضافة الى وجود مكاتب المحققين على الجانب الأيسر، تقابل هذه المكاتب غرف خاصة للتعذيب وزج المعتقلين داخلها… أدخلوني غرفة مجاورة لمكتب التحقيق، وما زال الجنود والسجانة برفقتي، أقبل رجل يرتدي اللباس المدني وأفصح قائلاً انتظروا في هذه الغرفة لحين انتهاء النقيب فهو مشغول الآن… تم انتظارنا ما يقارب خمسة عشر دقيقة بعدها خرجنا سوية تجاه الغرفة الثانية حيث مكتب التحقيق.. بعد طرق الباب واذا بصوت من الداخل يأمرنا بالد((.....)).. تقدمنا الجندي ونحن الى الخلف واذا بطاولة فخمة تتوسط الغرفة ومكتبة كبيرة خشبية من الجانب الايمن ترتكز في زاوية الغرفة، كانت خاوية لا تحوي إلاّ مجموعة بسيطة من الملفات وبعض المستندات، وخلف الباب وضع جهاز تلفزيون صغير وجهاز فيديو وبعض من اشرطة الفيديو حجم صغير، بالإضافة إلى مقعدين من النوع الفخم كسيتا بالجلد السميك بنية اللون، وكانت في الجانب الأيسر، أما الجانب الأيمن فتوجد بعض الكراسي الخشبية المتناثرة في غير انتظام… وكان على الطاولة تلفونان أحدهما لاستقبال المكالمات الداخلية على نطاق السجن والآخر للمكالمات الخارجية.. ويلتصق بالطاولة مقعد دوار من النوع الفخم، كان المحق جالساً عليه يقابلنا بظهره وبالجانب الخلفي من المقعد، بادرت بالاسلام وبعد هنيئة من الوقت استدار بوجهه ورد السلام، أمر السجانة بفتح الكلبشة من يدي وأمرني بالجلوس على أحد المقاعد المقابلة للمكتب من الجانب الأيمن وجلست السجانة مقابلة لوجهي، والجندي ما زال واقفاً لدى الباب ينتظر الأوامر، أمره بالخروج فرفع يده محاذية لرأسه وضرب برجله الارض أداءً للتحية المعروفة (ضرب سلام) فولىّ خارجاً بعد ان اغلق الباب خلفه، حيث كان الباب المنيوم يكتسي اللون الأبيض ـ كان الجو يعمه الهدوء والصمت يخيم على الجميع اما أنا فقد إزدحم عقلي من كثرة طرح التساؤلات ولكني تركتها صامتة أترقب مسير الوضع، فأخذ يفتح بعض الادراج وسط الطاولة ويغلقها وكأنه يبحث عن شيء واذا به قد اخرج ملفاً وأخذ يكتب فيه، ثم اتصل هاتفياً وكان يصدر لمن يكلمه بعض الأوامر مثل هل كل شيء حسب الاصول، كما امرتك أريد كل شيء يكون جاهزاً وانا سوف اكون مستعداً، اغلق سماعة الهاتف بعدها.. ونحن ما زلنا على هامش الانتظار.. بعدها ضغط أحد الاجراس الموجودة من الجانب الأيسر خلف المكتب واذا بجندي قد أقبل وأدى نفس التحية فطلب منه احضار (دلة القهوة( وبعد خروج الجندي سألني عن اسمي فأجبته فأخذ يسألني عن حالي وصحتي وبكل استهزاء وسخرية قالها "عساك مرتاحة هنا!! لقد نورتي المكان، من زمان ونحن ننتظر قدومك، حصل لنا الشرف بزيارتك اليوم.. هذه الفرصة تمنيناها وها هي اليوم تتحقق فأرجوا ان لا نكون قد سببنا لك أي ازعاج المهم ان تكوني مرتاحة في الغرفة الجديدة، أخذ يهز رأسه رافعاً حاجبيه الى الأعلى شامخاً بأنفه.. هه.. لا بد ان تكوني مرتاحة فهي غرفة على الكيف (يقصد الزنزانة) أجبته حمداً لله على كل حال.. توجه لفتح أحد الادراج في مكتبه واخرج ملفاً أصفر اللون فتح الصفحة الأولى وضرب به بقوة في وجهين فوق المكتب ورمى امامي بقلم ازرق طويل كان مخططاً باللون الأسود والاصفر وأمرني بالكتابة، أخذ يردد اسمي لعدة مرات ثم اخذ يخط الاسئلة وسط الملف وقبل ان يسلمني إياها للاجابة عليها لا بد من الاجابة عليها شفهياً ـ فمرة أخرى سألني عن اسمي.
ما اسمك؟
ـ عالية مكي.
كم عدد افراد عائلتك؟
احد عشر(11).
من الكبير في الأسرة؟
ـ افراد الأسرة كلهم صغار ما عدى انا الكبيرة.
انت الكبيرة اذن
ـ نعم.
كم عدد اقربائك؟ عدديهم فرداً فرداً وبالخصوص اعمامك اذكري أسمائهم بالكامل؟
بعد ان عدّدت مجموعة من اقاربي اجبته ليس لدى اعمام
ألديك أخوال من هم؟ اذكري اسمائهم بالكامل؟
ـ ليس لدي اخوال.
وكان الملف يتردد بين ايدينا هو يأخذه لكتابة السؤال بقلم اسود عريض وانا بدوري استرد الملف للإجابة على اسئلته بالازرق حيث أمرني بالتوقيع فور الانتهاء من الاجابة على كل سؤال، أخذ الملف وكأنه يكتب شيئاً، وبعد ان سلمني الملف للتوقيع فقط بدون إجابة على أية سؤال، اتضح بأنني أمضيت لإغلاق المحضر حيث كتب أنه في تمام الساعة كذا…. تم أغلاق المحضر…..
مع حضور السجانة فلانة……. التوقيع……
واذا به يضغط زراً على اثره حضر إثنان من الجنود ومعهم الكلبشة ثم وضعها في يدي وأعادوني الى الزنزانة مرة أخرى. كان ذلك في يوم الأربعاء والذي يصادف آخر يوم عمل حيث يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع تعطي الإجازة الرسمية لموظفي الدوائر الحكومية.
قضيت هذين اليومين بفارغ الصبر وعلى أحر من الجمر بانتظار جلسة التحقيق المقبلة وبلهفة شديدة لمعرفة السبب في اعتقالي
في صبيحة يوم السبت في تمام العاشرة، طرق الباب وفتحت الزنزانة واقتادوني مرة أخرى الى حيث المكتب وفي نفس الوقت اقتادوا زميلتي التي كانت في الزنزانة المجاورة، وضع القيد في يدي وسرنا باتجاه المكتب، أعطي المحقق اشارة بوصولنا فسمح لنا بالد((.....)) واذا به منكفأً على مقعده واضعاً ساعديه فوق المكتب وكفّاه محاذيان لوجهه وكان يتلاعب بالقلم بين اصابعه، وقد وضع ملفاً أصفر امامه اضافة الى ورقة بيضاء صغيرة، لم أنتبه سوى لمجموعة من النقاط والارقام الموجودة فيها، واذا به يلقي بابتسامة عريضة وقبل ان يسمح لنا بالجلوس رحب بنا قائلاً باستهزاء أهلاً وسهلاً!! لماذا واقفين تفضلا بالجلوس، جلست بجانب السجانة لفترة معينة على اثرها رنّ جرس الهاتف، رفع السماعة للرد عليها وفوراً اغلقها بدون ان يتكلم وكأنه ينتظر إشارة معينة، نظر الى الورقة الصغيرة التي امامه وأبدى ابتسامه استهزاء وأخذ يكرر وهو يهز رأسه (اهلاً وسهلاً) نظر لي بعدها وقال اهلاً وسهلاً.. بالشيخة، كيف الحال يا شيخة ام وائل يا طالبة العلوم الدينية، فوجئت معرفته لكنيتي، وتملكني الذعر من هول المفاجأة واحسست بالدم يسري في عروقي بسرعة، بدأت علامة الارتباط تهزني.. كادت أحاسيس ان تخونني حاولت ان استعيد ثقتي.. بالله سبحانه وتعالى هدأت نفسي بعد قليل.
هامت يده اللئيمة لتضغط على زر صغير على اثره حضر أحد الجنود، إنتهزت فرصة كلامه وإصدار اوامره للجندي فنقلت الى حيث أمرني بالجلوس طلب من الجندي إحضار الشاي والقهوة وفور خروجه أخذ المحقق يسترسل في ترتيب كوفيته واذا به يرمي بقلم في وجهي قدم الملف وفتح المحضر وبدأ بالسؤال..
ابوالمخاتير
رد: يوميّات امرأة فى السحون السعودية
مُساهمة السبت أغسطس 16, 2008 7:16 am من طرف ابوالمخاتير
خمس دقائف ننتظر، فتح الباب من قبل اثنين من الجنود احدهما يدعى (عمر) وهو متوسط الطول اسمر اللون ممتلئ الجسم له ذقن صغير كلامه شبيه بصراخ النساء، اذا تلكم ضحك عليه الآخرون.
دخلنا سوية يتقدمنا مدير السجن… اصابتني رعشة شديدة ما كل هذا؟ كدت اختنق في تلك اللحظة من الغبار الكثيف الذي كان يغطي الارض ويتساقط فوق رؤوسنا من الأسقف، الجدران تمتلئ بالهواء الذي نهم باستنشاقه، وحتى ساعات الكهرباء لم اكن لأعرفها جيدا، كل هذا لاحظته، الظلام يغطي كل شيء وكأنه قبو قديم جدا، مد المدير يده ليهم بإشعال أحد الانوار المعتمة، واذا به يمزق الظلمة، المنظر، فقد كانت، الساعات منسوجة مع بعضها بواسطة خيوط العنكبوت وذرات الغبار متراكمة عليها..
…أضيئ نور خافت جدا واذا بممر ضيق طويل يبلغ طوله قرابة ستة امتار ونصف، وبعد ان تقدمنا للأمام بمسافة مترين واذا بممر آخر يقع على الجانب الايمن يبلغ طوله حوالي ثلاثة امتار، وكانت الحشرات تتطاير بين هذا الممر وذاك، والصراصير تزرع الأرض جيئة وذهاباً، الصراصير بكثرة اضافة الى وجود قاعدة سكنية خاصة بالنمل الكبير الذي أخذ يتكوم في كل ناحية، فكلما تقدمنا الى الإمام كلما ازداد كل واحد منا في السعال، وصلنا نهاية الممر واذا بقضبان من الحديد قد احكمت على هيئة باب محكم اغلاقه وبعد محاولة المدير لفتحه، امسكتني تلك المرأة التي كانت معنا منذ الد((.....))، امرتني برفع يدي الى الأعلى، سألتها لماذا. زجرتني بنظرات حادة (اسكتي.. ايش اتريدي اتقولي) بلهجتها الصحراوية، لهجة قاسية عنقية، لزمت الصمت، أخذت بتفتيش ملابسي فلم تر شيء، انتقلت الى شعري وأخذت تضغط بيدها فوق جسدي لربما اخفي شيئا ولكنها باءت بالفشل ولم تحصل على شيء، أمرتني بنزع حذائي وأخذت تبحث داخله، لكنها وجدته فارغا، قامت بنزع الجوارب من رجلي وبحثت داخلها، ايضا لم تجد شيئا، أخذت تنظر الي نظرات مليئة بالشك والحقد وهي تقول (متأكدة ما بتحملي شيء) أجبتها بكل تأكيد، ثم فتحت الكلبشة من يدي وبلمحة خاطفة أطلت على عقارب الساعة واذا بها تشير إلى الخامسة صباحا، فانتزعت الساعة من يدي ومدت يدها الى رأسي فانتزعت جميع المسّاكات الموجودة فيه، واذا بها تدفعني بقوة باتجاه باب حديدي نحو غرفة قد لفها الظلام، مخيفة جدا واغلقت البوابة وذهبت مع مدير السجن والجنود المرافقين، انتابني الخوف الشديد ليس من السجن والجنود المرافقين، انتابني الخوف الشديد ليس من السجن وانما من هذه الغرفة الموحشة حيث كانت عالية الجدران تحوي شقوق عريضة بجوانبها كأنها وهمية الشكل من شدة الغبار والحشرات المتعلقة بها، وكانت أرضها شديدة الانحدار وزواياها منفصلة عن بعضها البعض وكان بين الشقوق قطرات متخمرة من المياه ومتحولة للون الاخضر وبعضها للون الاسود تبث رائحة كريهة في الغرفة، كانت أسراب النمل والحشرات الصغيرة تمثل جمعات جماعات مترسبة وكانت الغرفة فارغة من أي حصير أرضي حيث بدت ساحتها تمثل محطة اتصال لإلتقاء الحشرات فيما بينها وخط اتصال طويل لحلقات النمل المتراصة والتي تمتد من خارج الممر الى داخل الشقوق.
هممت بالجلوس فوق عباءتي بعد ان افترشتها كحصير أخذت أفكر طويلا محتارة في امري ماذا أفعل.. ولكن رغم كل ذلك فأني لا استطيع جمع شتات فكري ولو بفكرة واحدة، كان رأسي يكاد يتفجر من شدة الالم وكانت عيناي تميلان الى الذبول من الاحمرار وشدة النعاس بسبب قلة النوم، كان القلق يأخذ مني مأخذا عظيما والخوف يراودني بين فترة وأخرى من تلك الغرفة... ولكن آه لو تتاح لي فرصة كي أنام ولو لمدة خمس دقائق..
بعد مضي ما يقارب ساعتين سمعت الضجيج يتعالى في الخارج وكأنه صوت المدير يتقدم ولكن الخطوات توحي بأنهم اكثر من شخص واذا بصدى عال تثيره حركة المفاتيح واذا بالأبواب تفتح وبالمدير قد أقبل ومعه تلك المرأة وأربعة من الجنود، فتحوا باب الغرفة نهضت فزعة ماذا يريدون هذه المرة.. لعلي سأعود إلى المنزل وكل ما حصل مجرد خطأ، فليس من المعقول ان تعتقل السلطة امرأة وبطريقة بشعة لربما هناك خطأ، لم يصب تفكيري في هذه اللحظة، فلقد امسكت بي المرأة واخرجتني من الزنزانة متجهة بي عبر الممر، واذا بصوت امرأة يصدر من الداخل حاولت أن ادير وجهي الى الخلف لمعرفة من هناك، رفضت وبشدة صارخة في وجهي ممنوع، بعد ذلك علمت بأن هناك امرأة اخرى في احدى الزنزانات، حيث كان السجن عبارة عن بناية متوسطة الحجم (يطلق عليه عنبر النساء او السجن الخاص بالنساء) يتكون من أربع زنزانات وغرفة واسعة اضافة الى مطبخ وقد تحول الى زنزانة هو الآخر، اضافة إلى ثلاثة حمامات في جهة منعزلة مقابل ثلاث مصبات من المياه لمجموعة من الحنفيات ويحتوي على ممرين أحدهما طويل والآخر قصير.. ما زلنا نواصل السير باتجاه زنزانة صغيرة دفعتني فيها تلك المرأة فرغم صغر حجمها الا انها أفضل من الغرفة الأولى، فالارض مستوية تحوي فراشا واحدا، واذا بالمرأة تخرج ويغلق الجنود باب الزنزانة في وجهي بقوة بعد ان قال أحدهم وهو يتثائب وقد بدا عليه النعاس الشديد بنبرة حادة وصوت ويكفي ما سببتيه لنا من ازعاج في هذه الليلة) قال منصور القحطاني (اذ احتجت ان تذهبي الى الحكام او اردت ان تشربي ماء فهذه هي السجانة سوف تكون في هذه الغرفة مشيرا بيده إلى غرفة واسعة تقع في الجانب الأيسر خلف البوابة الخارجية بمجرد نداء سوف تأتي وتفتح لك الباب واحذري ان تصدر منك أية حركة، خرجوا جميعا ولم تبق الا تلك المرأة، كانت طويلة القامة، حنطية اللون، قوية البنية تتميز بوجود علامة سوداء اسفل عينها اليمنة، سريعة اللهجة الصحراوية المبهمة، أخذت تقذفني بنظراتها الساخرة رافعة رأسها بكل اشمئزاز واستهزاء وهي تضحك وكأنني فريسة ثمينة قد وقعت بيدها، لكني لم اعرها أي اهتمام، حمدت الله كثيرا لنقلي الى هذا المكان… بعدها لجأت الى النوم لكني لم استطع، فهاجس القلق وشبح الخوف ما زال يراودني ما العمل اذن؟ لجأت الى الله سبحانه وتعالى بالدعاء وتلاوة بعض الآيات القرآنية التي أحفظها، فهدات نفسي واستقرت سريرتي بعد ان بزغ الفجر وحان وقت الصلاة وفور الانتهاء من الصلاة احسست بالنعاس فغفوت على أمل انتظار ما سيحدث في الغد.
ابوالمخاتير
رد: يوميّات امرأة فى السحون السعودية
مُساهمة السبت أغسطس 16, 2008 7:15 am من طرف ابوالمخاتير
..نعم كان والدي يسبح في عالم الافكار وكانت صفحات وجهه تفصح عما في داخله.. فكان ينظر لي بين لحظة وأخرى وكأن قلبه يحدثه بأنه لن يراني بعد.. سوف يأخذونني وسأرحل بعيداً عنه.. أخذ يرقبني بنظراته الحادة وانا احاول الهروب منها لأهديء من روعه… في تمام الساعة الرابعة وخمسة عشرة دقيقة تم استدعاء والدي وسيق الى مكتب مدير السجن (منصور مرعي القحطاني) وبقيت وحدي اترقب الأمر تحت حراسة مشددة من قبل الجنود، كنت حينها أبحر وسط محيطات كبيرة مليئة بالسعادة وزاخرة بالسرور ولكن أية سعادة هذه، كانت تجمع معها ألم وحزن، وهو خوفي الشديد لما يجري لوالدي وما يتعرض له من أذى بسببي، أما فرحي فهو لنجاحي وتفوقي في هذه المدرسة، فكثيراً ما قرأت عيناي أسطراً واسعة حول هذا الخندق وما يجري فيه فقيل عنه انه مدرسة الصمود والتحدي وقيل عنه مختبر يكتشف فيه المرء ذاته، وقيل عنه بأنه كالإمتحان أما يكرم المرء فيه او يهان، عصفت بي الافكار من كل حدب وصوب: أي سجن هذا الذي يجمع ما هب ودب ومن كل الناس.. وفي لحظة تأمل وتركيز استوقفت افكاري عند محطة من التساؤلات لماذا لا أجرب نفسي للد((.....)) في هذا المعترك الصغير لعلها قادرة على النجاح وكيف لا ما دام الانسان مؤمناً بالله سبحانه ومتوكلاً عليه في جميع اموره. وتصرفاته وسلوكياته فالله مع العبد ما دام العبد معه، ولربما يكون بلاء منه عزّ وجلّ يريد ان يمتحنني فيه ويرى مدى صبري وعزيمتي على هذا البلاء، فالله سبحانه وتعالى قد امتحن نبيه يوسف عليه السلام بالسجن وهو القائل (رب السجن احب الي مما يدعونني اليه).. وقد يكون عقاباً دنيوي عجّله لي كي يخفف عني عذاب الآخرة ولماذا لم يكون كذلك.. قد يكون بوابة مشرعة لمحو الذنوب وغفران السيئات وان الله اذا أحب عبداً ابتلاه و… و… و…، واذا بصوت والدي يوقظني من عالم الافكار لأقع بين يديه الكريمتين وبلهفة شديدة كنت متلهفة لمعرفة ما لديه وهل سيمكث معي ام لا؟ وهل سنغادر المكان ام ماذا؟ وما نوعية الحديث الذي دار معه اثناء غيابه معهم.. لكنه لم يدع لي فرصة أن اتفوف ولو بحرف واحد.. ربت على كتفي قائلاً لا تخافي يا ابنتي وبكل أسى قالها سوف تذهبين معهم ولا تنسي بأن الله معك.. وانت يا والدي ما الذي جرى بشأنك.. اطمئني انا سأغادر المكان عائداً إلى المنزل اما انت فستبقين معهم.. إرتحت كثيراً لأمره ولكني في نفس الوقت تألمت لصعوبة الموقف فقد كان متشبثاً بيدي يلقي بنظراته عليّ مرة بعد أخرى كي يتشرب من وجهي ويفيض شبعاً من رؤيتي، كانت القلوب عند بعضها والنظرات متبادلة وشحنات كبيرة من الدموع تملأ عيناه، الاحمرار أخذ مأخذه على وجهه حيث كان في حالة ضغط شديدة لكبت مشاعره واحاسيسه كان يريد البكاء امامي… لكنه لم يبك ولم يفسح المجال لنزول ولو دمعة واحدة على خده لحبسه دموعه ومنعها من التساقط ولأن البكاء يهد الرجال، ولكن ما اصعب لحظة الوداع..
اراد ان يحدثني عما جرى له داخل المكتب ولكنه لم يستطع اذ زجره مدير السجن بقوله (هيا اسرع ماذا تريد ان تقول لها) انتاب الاحراج والدي وصمت فجأة، ما هي الا لحظات، وضغط بيديه فوق يدي وأخذ يربت مرات متوالية فوق كتفي بدون ان يتكلم احسست انه تعرض لإهانات كثيرة من قبلهم ولكنه سوف يتحمل كل شيء من أجلي، هناك تمنيت لو أتلاشى كنت اختنق بعبرتي. وأتعذب في داخلي لما جرى ويجري وسيجري له من اهانات، وما تعرض له من شتم وزجر ولو أن دمعة واحدة انفجرت الى الخارج لكان ذلك اهون بكثير، لجعلت روحي تتنفس وتحاول ان تلتقط الهواء حتى يمر الموقف بسهولة، لكني أحسست حينها ان اقسى ضربة توجه لرجل هي ان يرى امه او زوجته او اخته تبكي امامه فكيف اذا كانت إبنته.. ولكن لن أبك الآن أبداً ولن أبك…
بطل هو والدي فما زال يحاول خنق دموعه ويحبسها كي لا اراها ولا احس بما يدور في داخله، كانت شهقة موجعة تملأ حلقه وهو يحدثني فنبرات صوته ضعيفة.. كما كان قلبي يتألم لك يا أعز انسان في الوجود ولكن ليس باليد حيلة وددت لو أن الحياة تنتهي في هذه الآونة.. شعرت بالحزن كثيفاً داخلي مثل سكين حادة تمزق احشائي.. ولكني صممت أن ابقى قوية أن أبدو متماسكة لأقل له كلمات لذيذة يتذكرها حتى وقت بعيد.. ربما تخفف عنه.. اردت ان يرى وجهي وانا مبتسمة ضاحكة كي تكون له زاداً ينزع قلقه عليّ من نفسه، ولكني لساني لم يطاوعني، أحسه وكأنه ثقيل متصلب ولكني رغم هذا سأبتسم فالانسان يستطيع ان يبتسم،، فالابتسامة ارادة حتى لو كانت حزينة.. إبتسمت في وجهه وانا اردد له بعض الآيات القرآنية كقوله تعالى {واصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل} {وبشر الصابرين الذي اذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وانا اليه راجعون} وان الله مع الصابرين.. كانت آخر اللحظات بيني وبينه بل آخر الكلمات حتى انتهيت بوصيتي له ان يطمئن والدتي ويخبرها نيابة عني بأنني التمس منها الدعاء لي من المولى عزّ وجلّ بالتوفيق والاستقامة وان لا تسمح لنفسها ابداً بالبكاء لفراقي ولتصبر ولتتصبرّ مهما طالت الأيام.. أما انت يا والدي فارفع رأسك مفتخراً بي أمام الآخرين لأننا مع الحق أينما كان واسع لأن تبني من إخوتي جيلاً اسلامياً حقيقياً لأننا بحاجة الى رجال اكفاء وسواعد قادرة لنشر العدالة الإلهية (عدالة الله) ولنكن بحق خلفاء لله في الارض.. ما هي الا لحظات واذا بإمرأة تشدني من الخلف بقوة وعنف ونظرات والدي تلاحقني الى ان غاب عني حيث اقتاده الجنود المسلحين الى الخارج ملوحاً لي بيده في أمان الله يا ابنتي…. في امام الله يا ابنتي… في دعة الله يا….
(5)
"بين أيادي الجلادين"
..ساقتني تلك المرأة معها بواسطة (الكلبشة) برفقة اثنين من الجنود اضافة الى مدير السجن (منصور القحطاني) كان يلتزم الصمت ولم يتحدث بكلمة واحدة، كان يسير الى الإمام ونحن الى الخلف الى ان وصلنا للركن الايسر من الساحة وما زال المكان يلفه الظلام والسكون الى درجة انعدام الرؤية تماما، والجو مشبع بالرطوبة، بينما أخذ الليل يرحل شيئا فشيئا بعد ان تدلت خيوط الفجر، كان منصور القحطاني يحمل ولاعة صغيرة أخذ يضئ بها الطريق، اتجه بنا نحو بناية متوسطة الحجم ليس بها أي منفذ يطل على الخارج عدا بوابة عريضة صلبة تتكون من قضبان حديدية متلاصقة وجدار سميك من المعدن مغطى بجدار آخر من الصفيح يصعب فتحه، مكثنا قرابة
ابوالمخاتير
رد: يوميّات امرأة فى السحون السعودية
مُساهمة السبت أغسطس 16, 2008 7:13 am من طرف ابوالمخاتير
واذا بتلك السيارات قد اختفت، الاضواء، جدران المدينة كل ذلك اختفى ولا يوجد له أي اثر على الاطلاق، هممت أدير برأسي الى اليمين مرة باتجاه اليسار مرة أخرى إلى الإمام إلى الخلف لا أجد شيئاً سوى ذلك الظلام الدامس المحيط بنا من كل جانب، كسحابة سوداء غطت تلك السيارة حيث حجبت الرؤية عن الجميع ما عدا سائق السيارة.. لربما يكون ذلك كميناً معداً من قبله.. هكذا ساروا بنا وسط ظلام الليل الحالك، بدا لي أن الطريق لن ينتهي من طول مسافته فكان ذلك معداً حتى لا اتمكن من معرفة الطريق وحتى لا يتمكن أي شخص من رؤيتنا.. كان الصمت يلف الجميع، تذكرت وقتها بعض الآيات القرآنية {ولنبلونّكم بشئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والانفس والثمرات وبشر الصابرين، الذين اذا اصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا اليه راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واولئك هم المهتدون} (البقرة 154).
صدق الله العظيم
ثم طافت بذهني مقاطع من بعض الاناشيد المختزنة في ذاكرتي..
تقدم وهاجر، تقدم وناضل، تقدم وحرر فإن النجاة مع المقدمين
اخي لاح في الافق صبح الامل اخي في الجهاد أخي في العمل
تعالوا تعالوا لقبر الشهيد نعاهده بالوفاء من جديد
نعاهد ان نرفض الظالمين ونشجب بالدم قهر الحديد
نحرر أوطاننا ليحكم قرآننا
إضافة الى بعض أبيات الشعر التي تغذي الروح وتشحذ النفس بالشجاعة والثبات والعزيمة، بعد لحظات توقفت السيارة وأمرنا الملازم بالنزول.. نزل الجميع فك القيد من يدي وأصبحت أسيرة وسط إثنين من الجنود المسلحين ووالدي من الخلف.. تم إدخالنا في غرفة صغيرة حيث أمرنا بالانتظار، كانت هناك امرأة أخرى غير التي برفقتنا.. باشرتها بالسلام فردت التحية، كانت طويلة القامة شديدة السواد لا يرى منها إلا بياض عينيها المتخفية خلف ذلك البرقع الصغير.. رحبت بي بتحية طويلة عريضة حاملة معها كل استهزاء وسخرية وكأنها تعرفني منذ زمن طويل، حاولت أن استقصي الأمر منها لم تخبرني بشيء غير انها ستستضيفني بالنوم عندها لفترة معينة سألتها واين سيتم ذلك، قالت: بمنزلنا في الدمام.. زجرتني بعدها بقولها كفي عن الكلام وإياك أن تسألي مرة أخرى.. إتضح لي بأنني سأقيم في سجن الدمام أصابتني الحيرة وقتها.. يا ترى ماذا يريدون مني وما عسى ان تكون اسألتهم الموجهة لي وبأي طريقة اجيبهم واذا كنا سنغادر المكان إلى الدمام اذن اين نحن الآن وفي أي مكان… طال انتظارنا لما يقارب الساعتين على أثرها تم استدعاء والدي لعمل بعض الاجراءات وأنا انتظر عودته واذا بهم يستدعونني للداخل بعد مرور نصف ساعة تقريباً.. دخلت غرفة مجاورة لغرفة الانتظار، كانت تحوي مكتباً صغير خلفه كرسي دوار قد وضعت لائحة في الوسط كتب عليها (مديرية القطيف) ـ قسم المباحث. ). (عايض القحطاني) سلمني ورقة بيضاء وامرني بالتوقيع عليها.. طلبت قراءتها لكنه رفض، قائلاً: يجب ان تعملي ما نقوله لك فامسكي القلم وأمضي على الورقة ـ كررت رفضي لذلك قبل الاطلاع عليها وبعد الإصرار أمرني بقراءتها قراءة سريعة لأنه أخذ يتظاهر بأنه مشغول وليس لديه وقت يضيعه معنا.. قرأت الورقة بنظرات سريعة فكانت عبارة عن وثيقة توضح طريقة اعتقالي من المنزل وأنها كانت طريقة طبيعية عبر اسلوب هاديء واستئذان من قبل والدي ولم تكن هناك أي مداهمة للمنزل.. تعجبت حينما قرأت هذه الورقة لأن ما حصل هو العكس تماماً أبديت رفضي الشديد للإمضاء ولكن والدي أخذ يلح عليّ واحتراماً لمشاعره تم توقيعي على الورقة.. فور الانتهاء من هذه الاجراءات ضغط المدير.. عايض على زر موجود بجانب المكتب حضر الجندي وفي يده الكلبشة وضعها في يدي واقتادونا بواسطة احد الجنود خارج المكتب في ساحة مظلمة وقد أعدت سيارة من نوع (سوبربان) لنقلنا فقد كانت مشرعة الابواب لاستقبالنا، كان معنا وقتها رجل يرتدي لباساً مدنياً وهو الذي يقود السيارة، اضافة للملازم (حزام) وأحد الجنود كان يحمل معه سلاحاً وطاقماً من الرصاص… انطلقنا من مدينة القطيف متوجهين الى مدينة الدمام وبالاحرى الى السجن…
(4)
في سجن الدمام:
..في الطريق الى السجن بمركز بالدمام.. قسم المباحث..
…انطلقت السيارة بسرعة قصوى أكثر من ذي قبل.. أصبح السكوت يلف الجميع والاجواء تنسم بالهدوء داخل السيارة لم يمزق هذا الهدوء غير هبات الهواء الرطب يلطم وهو هنا من كل جانب عبر نوافذ السيارة المشرعة الساعة الآن تشير الى الثالثة والنصف وما زلنا نواصل السير اذا بالملازم (حزام) بدأ يسخر ويستهزأ بوالدي كي يثير اعصابي.. أخذ يواصل كلامه بالسب والشتم والتهديد.. إعلم يا فلان.. (خل يكون في علمك جيداً لا تحسب نفسك بترجع للبيت، تراك جيت مع بنتك الغالية الى السجن واللي يدخل السجن لا يفكر بعد يطلع منه بالبساطة يا محترم) والدي لم يجبه بشيء ولم استطيع تحمل ذلك أجبته فوراً بهذه الجملة حبذا لو تحترم نفسك ليحترمك الآخرون، أحس بأن كلامي إهانة له وانني اقصده بهذا الكلام.. إشتد غضبه وصرخ في وجهي اخرسي من تقصدين بهذا الكلام وماذا تقصدين؟ لم أشأ إكمال الحديث معه لأنني كنت في شغل عنه مع والدي حيث كنت أطمأنه عليّ واوصيه ان يطمئن والدتي، فكنت اذكره ببعض الآيات القرآنية وبعض الاحاديث للرسول الأكرم(ص) اضافة الى نماذج من روايات ائمة أهل البيت ذكرته بالإمام موسى الكاظم والفترة التي أمضاها في السجن ما يقارب خمسة عشرة عاماً لحين لقب بحليف السجون ولا تنسى ما قاله الإمام الصادق(ع) (ما من شيعتنا الا مظلوم او مسموم) فنحن لا بد ان نقتدي بهم ونسير على خطاهم، ثم ذكرت الآية الكريمة {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا}. قاطعني السائق وهو يهز رأسه ساخراً ويقهقه بسخافة قائلاً أتظنين أنكم في جبهة قتال حتى ترددين هذه الكلمات، ثم اخذ يكرر الآية وهو يتلاعب بها بلسانه، لكني تركته وشأنه..
…بعد مضي ما يقارب الساعة توقفت السيارة، لم استطع أن أرى شيء سوى تلك الصحراء القاحلة التي مررنا بها. ما عدى بوابة كبيرة أثناء وقوف السيارة، حيث كان الباب صلباً للغاية يحوي أعمدة حديدية كانت ملاصقة للبوابة وعبر الضوء المسلط من السيارة اتضح لي لونه الازرق كانت توجد بوابة متوسطة الحجم من الجانب الأيسر مباشرة، بها ثقب صغير وكان يطل منه أحد الجنود.. فوراً اعطي اشارة خاصة من قبل السائق واذا بالبوابة قد فتحت من قبل اثنين من الجنود المسلحين واذا بي في ساحة واسعة ـ شديدة الظلام، ولم اتمكن من تمييز الموقع جيداً، أنزلونا من السيارة وأمرنا بعدم التحرك من موقعنا لحين صدور الأوامر وكان يقف أمامنا أربعة من الجنود للحراسة!!
..كانت الافكار حينها تقصف برأس والدي لم يكن له تفكير مستقر ولا أدري هل يفكر بي بكوني فتاة في يد طغمة من الجلاوزة، ام يفكر في كلام الناس وما الذي سيدور بينهم حينما يعلمون بالأمر، ام يفكر في زوجي المعتقل الذي لم يعرف مصيره بعد، ام يفكر في نفسه اذا سجن معي، حسبما ورد في تهديد ذلك العميل داخل السيارة، هل يفكر ويتساءل من للعائلة بعد سجنه التي تتكون من ستة أولاد وأربع بنات، من الذي سيدير شؤونهم ويرعى امورهم وهم بعد لم يبلغوا الحلم، واذا سجن معي فالمدة ليست محددة فقد تطول فترة بقائه معي في السجن، فمن للبنات ومن سيلبي طلباتهم وكيف ستسير أمورهم بدون معيل، ومن للاطفال الصغار من لمحمد ومصطفى من لزهرة وزينب اذا استيقظوا كل صباح وفقدوا من كان يزرع في نفوسهم المرح والسرور ومن الذي سيلاعبهم وينحني بظهره لهم ليلعب معهم لعبة الحصان ومن…. ومن…. ومن….. الخ….
ابوالمخاتير
رد: يوميّات امرأة فى السحون السعودية
مُساهمة السبت أغسطس 16, 2008 7:11 am من طرف ابوالمخاتير
بعثرة الادراج الموجودة وسط الخزانة التابعة للغرفة، اضافة الى بعض المجلات واصبح منظر الغرفة لا يطاق..
ما هي الا لحظات حتى هجموا على غرفة اخوتي، علمت انني المقصودة لديهم فانقضّوا علّي كما ينقض الذئب على فريسته، كانت من بينهم أمرأة، إنهالوا على جسدي بالضرب والركل وساقوني معهم الى سيارة خارج المنزل لونها ابيض من نوع داتسون (نيسان)nissan موديل (82) ودعتني نظرات الأهل وبالخصوص والدتي وقد انهملت دموعها على خديها..
(2)
…خرجنا سوية من المنزل.. الطرق مسدودة، سيارات الجيب تحاصر الشارع، واجهة منزلنا مطوقة بالجنود، العساكر المدججة بالسلاح سيارات المباحث متراصة بجانب بعضها البعض السيارات الخاصة كانت من بينهم سيارة (كابريس) بيجية اللون لرئيس المباحث (عايض القحطاني) وسيارتان أخريتان من نوع داستون نيسان ـ إستقلها العناصر الذين كانوا مقنعين بعد ان كشفوا اللثام عن وجوههم، اما نحن فكنا تحت الحظر متوجهين نحو السيارة، كانت تخالج نفسي وقتها مجموعة من التساؤلات.. هل إرتكبت جريمة ما..؟ وما عسى أن تكون؟ أو لهذا الحد جريمتي كبيرة وعظيمة؟ وبالتالي لماذا كل هذه الإستعدادات أخذت التساؤلات تعصف بي من كل جانب بدون ان أعثر لها على جواب. إقتادوني مكبلة اليدين بواسطة (الكلبشة" أحد اطرافها بيدي اليمنى والطرف الآخر بيد تلك المرأة التي معهم، هي إلى الإمام حيث تجرني خلفها كانت مقنعة بعباءة سوداء تخفي وجهها كي لا يتمكن كشفها من في المنزل، أدخلوني الجزء الخلفي من السيارة مع تلك المرأة، إضافة إلى والدي فقد اقتادوه معي هو الآخر لإنهاء بعض الاجراءات، كان معنا داخل السيارة احد الاشخاص، يرتدي ثوباً أبيض مع الكوفية والعقال يتميز بنحافة الجسم وتوسط القامة، يرتدي نظارة طبية بيضاء مع مسدس يحمله بجانبه الايسر وهو بدوره يقود السيارة، تمكنت من معرفة اسمه بعد مسافة معينة وتحديداً عند تقاطع متفرع لعدة مناطق كالقطيف والدمام وغيرها، توقفت السيارة بعد ان أشار أحد الجنود بذلك فهو جندي من رجال المرور مهمته القيام بعملية البحث (التفتيش) وسط السيارات المارة، فحينما رأى صاحب السيارة التي تقتادنا أدى التحيّة المعروفة (ضرب سلام) بعد ان ضرب رجله بالارض ورفع يده مشيراً بالتحية، عرف السائق نفسه الملازم (عبد الواحد) مباحث القطيف.. إضافة الى شخص آخر كان يلزم المقعد الاماي بجانب السائق يتميز بقامته المعتدلة وكان يرتدي ثوباً ابيض وكوفية حمراء، وكان ممتليء الجسم يشبه جسم الفيل اسمه (حزام) وهو من الافراد المنبوذين داخل المجتمع من قبل الاهالي لمعرفتهم عنه بأنه من رجال المخابرات، تحركت السيارة أخذت أحملق ببصري يمنة ويسرة واذا بتلك السيارات قد تفرقت وقد إبتعد الجنود عن المنزل… آلمني منظر والدتي وهي تقف على باب المنزل تودعني بنظراتها الحانية المليئة بالحب والعطف والحنان، والدموع تنهال على خديها كالسيل الهادر، ما زالت السيارة تواصل سيرها وقبل انهاء الشارع الذي يفصل بين منزلنا وبين الشارع العام كانت النظرة الأخيرة بيننا، ولعلها لحظة الفراق، قرأت في عينيها الكثير الكثير وهي تتلو لي كلماتها النهائية لا تخافي يا ابنتي فقلبي معك والله معك يحفظك ويرعاك..
(3)
في الطريق المؤدي الى السجن:
في الشارع العام بعد مفارقتنا للمنزل وآثار مدينتنا تبتعد شيئاً فشيئاً، زحفت بنا السيارة بسرعة غريبة جداً، تكاد في سرعتها تتجاوز سرعة الصوت، كان الشارع خالياً من المارة وحتى السيارات لم نصادف وقتها سوى مجموعة من القطط كانت تحتفل بوجودها وسط الشارع حيث لا تجد من يطاردها و يؤذيها.. كانت السيارة التي كنت بداخلها تتوسط أربع سيارات، اثنتان من الامام واثنتان من الخلف، كنت على ثقة كبيرة من نفسي ومن جميع تصرفاتي، لم أخطيء في شيء ولم ارتكب اية جريمة، والدي كان يجلس بجانبي يلمحني بنظراته التي تعبر عما في داخله، قرأت في عينه خوف الأب على إبنته.. الأب الذي يكن فائق الاحترام لفلذة كبده.. يا ترى ماذا سيعملون معها وهل سيؤذونها.. السجن للرجال فماذا حدث في هذه المرة.. إمرأة تساق إلى السجن.. كيف سأواجه الناس وماذا ستكون اقوالهم وكيف أتمكن من الرد عليها.. وما الذي سأقوله لهم، كانت هذه تساؤلات قرأتها في نظرات والدي.. كنت اتغاضى عنها في بداية الأمر وكأني لا أرى شيئاً، ولكن بعدها ازدادت نظراته التي كانت توحي لي بالفراق وانني لن اراه بعد هذه اللحظات واذا به يريد أن يتفوه بشيء ولكن سرعان ما يحبس نغمات صوته ويمنعها من الخروج، سبقته بالحديث قبل ان يبادر هو به.. عرفت ما يدور بداخلك ولكنني ارجوك ان لا تخاف عليّ فأنا ابنتك التي تعبت وسهرت على تربيتها.. أنا الآن قد كبرت وأعي الحياة جيداً، أنا لم ارتكب أي خطأ أبداً فهل انت واثق بي ومصدق ما أقول.. أجاب بكل رحابة صدر ـ نعم يا ابنتي انا اثق بتربيتي لك ولكن… قاطعته بالحديث وقبل ان يتم كلامه، أجل يا والدي هل تتذكر ما أوصيتني به آخر مرة، كوني شجاعة واصبري على ما اصابك تصرفي بكل ثقة وحكمة، ازرعي في نفسك الصبر وتذكري الآية الكريمة التي تقول {يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما اصابك ان ذلك من عزم الامور} ولا تنسي قول الله تعالى في الحديث القدسي (يا عبادي تحلوا بأخلاقي اني انا الصبور) فلا تخشي احداً الا الله وهو الجدير فقط بأن نخافه ونخشاه.. هذه الكلمات التي كنت ترددها لي دائماً في كل صباح ومساء ونحن على مائدة الافطار وبالذات بعد اعتقال زوجي، هنا بدت عليه علامات الاطمئنان اكثر وكان يتمنى لو أن طاقات العالم ومواهبه كلها تجتمع بي كي يفتخر بإبنته في كل مكان، كنت اتصور مدى سعادته حينما انتهي من انجاز أي عمل من الاعمال بتفوق ونجاح فكم كان يدعولي بالتوفيق، وكم سعى لراحتي وكم شقي من اجل ان يوفر ما اريد فكان يضحيّ بالكثير في سبيل اسعادي، وتضيق به الدنيا لحزني وألمي، فأي حب هذا أحظى به يا والدي منكم فمهما كتبت ومهما خطت أناملي لن استطيع ان أف ولو بالقليل من فضلك عليّ واحسانك اليّ يا اعز انسان واكرم من في الوجود.. أخذ يربت بيديه الكريمتين فوق كتفي ويمسح بها تارة فوق رأسي كأنه يدفعني ويذودني بعطفه الابوي الملئ بأسمى معاني الحب والرأفة والحنان.
… واصلنا المسير… الساعة تشير إلى الواحدة والنصف فجأة
 

يوميّات امرأة فى السحون السعودية

الرجوع الى أعلى الصفحة 

صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» [b][b]يوميّات امرأةفي السجون السعودية[/b]
» سقوط "امرأة لعوب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
بيجو 77 :: الفئة الأولى :: pejoo77 :: منتدى للبنات فقط-
انتقل الى: