سجلت معدلات التضخم، للمرة الأولي منذ الحرب العالمية الثانية، أعلي درجاتها، لتصل في أغسطس الماضي إلي ٢٥.٦%، فيما أكدت المؤشرات أن الزيادة في أسعار الطعام والشراب تفوقت علي المعدل العام للتضخم، مسجلة ٣٥.٥%، وهو ما أرجعه الخبراء، إلي عدم انضباط السوق الداخلية، خاصة أن هناك تراجعاً في بعض أسعار السلع، داخلياً وعالمياً.
وأوضح الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن الزيادة في أسعار الطعام والشراب شملت اللحوم بنسبة ٢٤% والأسماك والألبان والبيض، مؤكداً، من خلال قياس معدل التضخم، أن الزيادة في تكلفة الرعاية الصحية بلغت ١٤.١% والنقل والمواصلات ٢٠% فيما بلغت في التعليم ٣٥% والمطاعم ٤٨%.
وقال الدكتور منتصر عصام، أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، إن المؤشرات الحكومية رغم شكوكه في تعبيرها عن الواقع فإنها تؤكد أن الزيادة في الأسعار كانت حوالي ٣٠%، في الوقت الذي لم تتجاوز فيه الزيادة «الحقيقية» في الدخول ٧%، مما يدل علي الفجوة بين الأسعار والد((.....))!
وتوقع أن تشهد المرحلة القادمة موجة من «الكساد» مما يرشح معدل التضخم لمزيد من الارتفاع، مدفوعاً بتراجع معدلات النمو والإنتاج، موضحاً أن هناك «نمطاً» للاقتصاد المصري يقوم علي المرور بفترات من النمو، الذي يعتمد في جانب كبير منه علي الإنفاق الحكومي، بما يؤدي إلي إحداث خلل في الموازنة تعقبه مرحلة من الكساد، مؤكداً أنه في أغلب الأحيان يتم تصحيح خلل الموازنة بزيادة الضرائب، مضيفاً أن معدل التضخم الحالي هو الأعلي الذي تشهده مصر منذ الحرب العالمية الثانية.
وحذر من زيادة قيمة الدولار مقابل الجنيه خلال وقت قريب مما يؤدي إلي زيادة فاتورة الواردات، خصوصاً أن مصر تعتمد علي استيراد العديد من السلع من الدول الخارجية، فضلاً عن عدم قدرة الصادرات المصرية علي المنافسة في أسواق الخارج، نظراً لارتفاع أسعار المنتج المحلي عن مثيله في الخارج.
وقال مصطفي النجار، الخبير الاقتصادي: إن منظومة السوق الداخلية تحتاج نوعاً من الضبط، خاصة أنها السبب الأساسي في عدم تراجع أسعار السلع، رغم انخفاض الأسعار في السوق المحلية وارتفاع أسعار السلع الأساسية، منها الأرز والفول والزيت.
وأشار إلي أن هيئة السلع التموينية أجرت مناقصة لشراء صفقة أرز بلغ سعره ٢٣٦٠ جنيهاً للطن للأرز رفيع الحبة، وكسر ١٢% مؤكداً أن هذا يعني أن سعر الكيلو ٢.٣٦ جنيه، إلا أن هناك بعض الشركات مازالت تبيع الأرز في الأسواق بسعر ٥ جنيهات للكيلو، وأكد أن وزارة التجارة تعمل الآن علي دراسة بعض الإجراءات لضبط ومراجعة المرحلة بين الإنتاج والمستهلك النهائي، مشيراً إلي أن هناك معياراً وهو أن هذه المرحلة تزيد فيها الأسعار علي ١٥% إلا أن الواقع يؤكد أن هذه النسبة حالياً تتجاوز ٣٠%.
وأضاف أن المجمعات تلعب دوراً مهماً في توفير السلع بأسعار أقل للمستهلكين، متوقعاً مزيداً من استقرار الأسعار في حالة السيطرة وضبط منظومة السوق الداخلية