ابوالمخاتير الكنج
عدد الرسائل : 259 العمر : 56 العضو المتميز : رقم العضوية : 2 تاريخ التسجيل : 18/03/2008
بطاقة الشخصية الاسم/: أشرف مختار تاريخ الميلاد: 26/4/1968 الدولة: مصر
| موضوع: مدينة «السويس» أعرق من قناتها ولو كانت بلا ماء الثلاثاء أغسطس 12, 2008 8:25 am | |
| مدينة «السويس» أعرق من قناتها ولو كانت بلا ماء [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
السويس هى أكبر مدينة مصرية على البحر الأحمر
كلما ذكرت "السويس" كانت قناتها الشهيرة هى أول ما يخطر على البال، فتغيب المدينة خلف ظلال ذلك الممر المائى الشهير، لتخفى تاريخا يستحق ان يعود ليظهر.
فالسويس هى أكبر مدينة مصرية على البحر الأحمر وتقع على الطرف الشمالى لخليج السويس. وفى حين يعتقد البعض ان المدينة أخذت إسمها من القناة، فالحقيقة هى ان القناة أخذت إسمها من المدينة التى تعداد سكانها 417.610 نسمة "حسب تعداد 1996".
واسمها القديم: القلزم وفيها نفق الشهيد أحمد حمدى الذى يمر تحت قناة السويس. وتضم المدينة خمسة أحياء، هي:
× حى السويس: وهو حى حضري، فيه معظم الهيئات والمصالح الحكومية. × حى "الأربعين": ويغلب عليه الطابع الشعبي. × حى عتاقـة: ويضم معظم المناطق السكنية والمصانع والشركات وتم فصل هذا الحى إلى اثنين "حى فيصل والصباح وحى عتاقة". × حى فيصل ويحتوى على المناطق السكنيه حتى طريق القاهرة وحى عتاقة يضم المناطق السكنية من بعد الطريق وكذلك المناطق الصناعيه الادبيه و السخنه والزعفرانه بما فى ذلك المناطق السياحيه. × حى الجناين: ويغلب عليه الطابع الريفي. كان من الطبيعى أن تكون لمصر، فى جميع العصور، مدينة عند الطرف الشمالى لخليج السويس. ففى العصر الفرعوني، كانت هذه المدينة "سيكوت"، ومحلها، الآن، "تل المسخوطة" على بعد 17 كم، غرب مدينة الإسماعيلية. وقد أطلق عليها الإغريق اسم "هيروبوليس" أو "إيرو" فى العهدين الرومانى والبيزنطي.
وتدل الأبحاث الجيولوجية على أن خليج السويس، كان يمتد، فى العصر الفرعوني، حتى بحيرة التمساح. ثم انحسرت مياهه جنوباً، إلى البحيرات المُرّة. وأن فرعَى النيل "البيلوزي" و"التانيسي"، كانا يمّران بهذه المنطقة، ويخترقان برزخ السويس. يمر الأول بالقرب من محطة "التينة" الحالية، على بعد 25 كم جنوب مدينة بور سعيد الحالية. والثانى عند النقطة المعروفة بالكيلو 9، على قناة السويس. وكانا يصبان فى البحر الأبيض المتوسط، الأول عند "بيلوز"، والثانى عند فم "أمّ فرج"، وكلا المصبَّين شرقى مدينة بورسعيد.
وعندما انحسرت مياه الخليج نحو الجنوب، خلّفت وراءها سلسلة من الوهاد والبطاح، التى كانت تملؤها المياه الضحلة. فصارت "هيروبوليس" من دون ميناءً على البحر الأحمر. ففقدت جزءاً من صفتها التجارية وأهميتها الملاحية، ولم تحتفظ إلاّ بأهميتها الإستراتيجية، كجزء من القلاع، التى كانت تكوّن سور مصر الشرقي، وتمتد، عبر البرزخ، شمالى سيناء، إلى غزة.
كما نشأ ميناء جديد على الرأس الجديد لخليج السويس، يسمى "أرسينوى أن" أو "كليوباتريس"، فى العصر البطلمي، وكان هذا الميناء ناحية "السيرابيوم"، التى تقع شمال البحيرات المُرّة. ثم استمر انحسار خليج السويس نحو الجنوب، مرة أخرى، وانفصلت البحيرات المُرّة عن الخليج، فنشأ ميناء البحر الأحمر الجديد، الذى سُمى كليزما، فى العصر الروماني، وهو الذى حرّف العرب اسمه إلى القلزم، وسموا به، كذلك، البحر الأحمر.
وفى القرن العاشر الميلادي، نشأت ضاحية جديدة جنوبى "القلزم" سميت بـ "السويس". ما لبث أن ضُمت إليها "القلزم" القديمة، وحلت محلها، وأصبحت ميناء مصر على البحر الأحمر.
فالسويس الحديثة هى سليلة "القلزم" أو "كليزما" البيزنطية، و"كليزما" وريثة "أرسينوي" البطلمية. و"أرسينوي"، هى الأُخرى، وريثة "هيروبوليس" أو"سيكوت" الفرعونية.
وتُعَدّ مدينة السويس مثلاً لهجرة المدُن إلى مواقع جديدة، تمكّنها من أداء وظيفتها، التى يؤهلها لها الموقع الجغرافي، الذى تحتله. وأيّاً ما كان اسم مدينة السويس، فهى ميناء مصر على الطرف الشمالى لخليج السويس. لأنها أقرب نقطة إلى البحر الأحمر، يسهل الاتصال منها مباشرة بقلب الحياة المصرية النابض. فالسويس تمتاز عن موانئ البحر الأحمر الجنوبية، بأن الطريق من البحر إلى النيل، لا يخترق أودية وجبالاً بركانية وعرة. كما أن المدن، عند "قنا" أو "قفط"، داخلية، تضرب فى أعماق الصعيد، منعزلة، نسبياً، عن الدلتا، التى تزدهر فيها تجارة البحر الأبيض المتوسط.
وتمتاز السويس القديمة بشوارعها الضيقة، ومبانيها ذات الطابع المملوكي. وهذه المدينة تتميز تماماً عن مدينة "القلزم"، ولا سيما فى العصر التركي. فقد خشى الأتراك من تهديد الأساطيل الأجنبية، فأنشأوا أسطولاً يحمى السويس، ويحمى موانئ البحر الأحمر التركية الأخرى.
وعُدَّت السويس موقعاً حربياً، يرابط فيه الجُند، لحماية مدخل مصر الشرقي. وهذا يُعِيد إلى أذهاننا أهمية "سيكوت" و"هيروبوليس"، فى التاريخ القديم. ومن ثَمّ، كان بناء الطابية، وهى قلعة حصينة فوق أحد التلال، تشرِف على البحر. كما أُقيم فيها دار للصناعة "ترسانة" لترميم السفن وبنائها.
وتبدأ نهضة السويس بشق القناة، وإنشاء ميناء "بور توفيق"، وتوسيع الحوض، ليستقبل السفن القادمة إلى الشرق الأقصى، وحوض إصلاح السفن .
وظلت السويس مدينة صغيرة هادئة، حتى القرن التاسع عشر، تقوم بوظيفة الميناء، الذى يربط مصر بالأراضى المقدسة، والشرق عموماً. وكان عدد سكانها، عام 1860، يراوح بين ثلاثة آلاف، وأربعة آلاف نسمة. وما أن حُفرت قناة السويس، حتى دخلت المدينة عهداً جديداً من تاريخها الحافل، فاطّرد نمو العمران فيها، وازداد عدد سكانها بمعدلات سريعة.
ولكن كان فى مقدم الأسباب، التى عاقت نموّ مدينة السويس، ندرة المياه العذبة. إذ كان الماء ينقَل إليها على ظهور الجمال، من عيون موسى، التى تقع على مسافة 16 كم، إلى الجنوب الشرقى من السويس. وكانت مكاتب شركات الملاحة البحرية والفنادق الأجنبية، فى السويس، تعتمد فى خدمة موظفيها ونزلائها، على المكثفات لتحويل ماء البحر إلى ماء عذب. ولمّا أُنشئ الخط الحديدى بين القاهرة والسويس، تولّت الحكومة المصرية نقْل الماء من القاهرة إلى السويس، فى صهاريج. وكانت الحكومة تبيع الماء للأهالي.
لذلك، يُعد حفْر ترعة السويس الحلوة، أحد العوامل المهمة، التى أدت إلى تطوّر المدينة، ونموّ العمران فيها. والواقع أن مشروع حفْر هذه الترعة، ارتبط ارتباطاً وثيقاً بمشروع القناة نفسها، بل إن شركة قناة السويس، رأت أن يكون حفْر هذه الترعة سابقاً لحفْر القناة، حتى لا تتعثر عمليات الحفْر، كما حدَث فى السنوات الأربع الأولى لتنفيذ مشروع حفْر القناة، فى النصف الشمالى من برزخ السويس، بين بور سعيد وبحيرة التمساح.
وقد عرفت هذه الترعة العذبة باسم "ترعة الإسماعيلية". وعُدّل مخرجها، لتنبثق من النيل مباشرة، عند "شبرا"، على بعد سبعة كيلومترات، شمال القاهرة. وتجري، بعد ذلك، نحو الشمال الشرقي، مع حافة الصحراء، حتى بلدة "العباسة"، فى "وادى الطميلات"، ثم تنحدر شرقاً، مخترقة هذا الوادى حتى مدينة الإسماعيلية. وقبيل مدينة الإسماعيلية، تتفرع الترعة إلى فرعين:
فرع يتجه شمالاً، إلى بورسعيد. والآخر يخترق الصحراء جنوباً إلى مدينة السويس، ليغذيها بالمياه العذبة، وينتهى إلى خليجها. ويبلغ طول ترعة الإسماعيلية، من النيل إلى بحيرة التمساح، 136 كم. ويُقدر طول فرع بورسعيد بنحو 90 كم. أمّا فرع السويس، فيبلغ طوله 87 كم.
وما أن وصلت مياه النيل العذبة إلى منطقة برزخ السويس، وشُق خلال البرزخ قناة تصِل البحر المتوسط بالبحر الأحمر، حتى انقلبت الحياة البشرية فى منطقة البرزخ رأساً على عقب، وتحوّل الهمود إلى حياة صاخبة، وإن لم تكن هذه الحياة من صنْع قناة السويس، بقدر ما هى من صنْع مياه النيل، التى وصلت إلى البرزخ.
وكانت تقطن مدينة السويس، قبل الفتح الإسلامي، جماعة من الناس، تشتغل، غالباً، بالصيد والقرصنة. ولكن السويس لم تلبث أن شهدت نشاطاً واسعاً، وانتعشت انتعاشاً واضحاً، فى العصر الإسلامي.
وكان أول ما اشتهرت به السويس، فى ميدان النشاط الاقتصادي، فى العصر الإسلامي، هو بناء السفن. ويظهر أن بناء السفن، كان له شأن عظيم فى مصر، فى فجر الإسلام، خاصة فى العصر الأموي.
وقد ألقت البرديات شعاعاً من النور على صناعة السفن فى مصر، عندئذٍ. وأظهرت مهارة الملاحين المصريين فى ركوب البحر، فضلاً عن تقدير الحكومة الإسلامية المركزية لتلك المهارة، وعملها على استغلالها، والإفادة منها.
وثمة حقيقة مهمة، هى أن البرديات، التى اكتشفت حديثاً فى "كوم اشقاو"، والتى ترجع إلى عهد الخليفة الأموى الوليد بن عبد الملك، أشارت، صراحة، إلى أن صناعة السفن، ازدهرت فى مصر، فى ثلاثة مراكز، هي: الروضة والسويس "القلزم" والإسكندرية.
وهذا يعنى أن منطقة السويس، كان لها أهميتها الكبرى فى صناعة السفن، إحدى أكبر الصناعات، التى عرفتها مصر الإسلامية. كما كانت السويس أحد ثلاثة مراكز كبرى فى مصر، لبناء السفن التجارية، وغير التجارية.
| |
|