أصيبت مجتمعنا الوظيفى بفيروسات الوشاية والنميمة, التي نشأت في أجواء فاسدة, ملبدة بسحب الضغينة. ووجدت لها ملاذا دائميا في دهاليز وأروقة بعض الكيانات المراهقة, واستوطنت في ضمائر المنافقين, وأصحاب النفوس المريضة, والقلوب الميتة, الذين كانوا يحملون معاولهم للإطاحة بصروح الإبداع والتفوق, وتهديم رموز الخير والعطاء. .
يتذبذبون في سلوكهم, ويتصيدون في المياه الآسنة, ويتحينون الفرص للحصول على الامتيازات بالطرق الدنيئة والأساليب الوضيعة. ويتشبثون بأذيال الآخرين, ويرتمون في أحضانهم. وهم على استعداد دائم لينزعوا جلود مؤخراتهم ويضعونها على وجوههم. .
يتقلبون بين أحضان المسئولين, ولا يستحون من شتم المسئول السابق من اجل إرضاء المسئول اللاحق. . يعكس سلوكهم المنحرف ما يختلج في نفوسهم الانتهازية من حب الذات, وتمجيد المصالح الشخصية. حتى تحولوا إلى حيوانات مفترسة تتلذذ بدماء ضحاياها. .
يتقافزون كالقردة فوق السلم الوظيفي, وعلى أكتاف أصحاب الكفاءات العالية والخبرات الطويلة من اجل الوصول إلى المواقع الإدارية التي يخططون لها. .
عرفوا بطباعهم الزئبقية, وعقائدهم الهلامية, وتصرفاتهم الحربائية المتلونة, وسلوكهم المنحرف المعوج. . يتلونون حسب مقتضيات منافعهم الذاتية, وتطلعاتهم الضيقة. وينعقون مع كل ناعق. . انتعشوا في ظروف معينة , وتفشي الفوضى, وغياب معايير الكفاءة والإخلاص ونظافة الضمير, لأنه الوسط الذي يوفر لهم كل مقومات النمو والتكاثر في مستنقع التعفن الأخلاقي. .
تعتمد إستراتجيتهم الميكافيلية القبيحة على استخدام جميع الوسائل المبتذلة, والطرق الدنيئة في سبيل إزاحة وتدمير كل من هو أقدم وأكفأ وأفضل وانضج منهم. فالغاية عندهم تبرر الوسيلة. .
فتسببوا في إرباك النظام الإداري, والتشويش على قرارات القيادات الإدارية العليا, وإثارة البلبلة والقلق بين صفوف الموظفين. . فكم من وشاية ونميمة اطاحت بكفاءات بشرية واعدة, ومتفجرة بالنشاط والابداع, فازاحتها عن مواقعها, واجبرتها على التقوقع في كهوف النسيان. وكم من قصص وحكايات مفبركة حيكت في السر ضد اناس اخلصوا في عملهم, وأبدعوا في ادائهم, فحرمتهم من فرص النجاح والتقدم. . وكم من معلومات كاذبة, وتقارير ملفقة كتبها منافق معتوه, أو مختل عقليا اودت بمسقبل موظف متميز. .
وهكذا أسهمت هذه التصرفات المذمومة في تفشي الوشاية والنميمة والتلفيق والتحريف والتزييف والتحريض, وقلب الحقائق, وزرع الفتن والدسائس. . فتصاعدت في مؤسساتنا حدة الصراعات الشخصية المبنية على الباطل. حتى تحولت إلى موانع مقيتة سببت لنا الوجع والقلق. فهبت علينا رياح التخلف. وتركت تداعياتها السلبية على مؤسساتنا, التي ابتليت منذ زمن بعيد بتلك الفيروسات البشرية, التي تفوقت في قدراتها التدميرية على كل الفيروسات الفتاكة, ابتداءا من فيروس جنون البقر وانتهاءا بفيروس الطيور. .
إن الوشاة والنمامون عناصر هدم وتخريب ينبغي التنبه لخطرهم التخريبي الهدام. .واهم صفة فيهم انهم لا يعملون ابدا تراهم يتفرغون لهذة الوشايات ويرتبون لها وبعد تمام وشايتهم وقبلها ايضا تراهم يبتسمون لك بابتسامة عريضة مليئة بكل انواع الخبث والدهاء
قال تعالى : (( يا أيُّها الّذينَ آمَنوا إن جاءكُم فاسِقٌ بِنَبإ فَتَبيّنُوا أن تُصيبوا قَوماً بِجَهالَة فَتصبحُوا على ما فَعلتُم نادِمين )). . ويصف الرسـول (صلى الله عليه وآله وسلم) النمّامين بأنّهم شرار الناس فيقول : (( ألا اُنبِّئكم بشراركم ، قالوا : بلى يا رسـول الله ، قال : المشاؤون بالنميمة ، المفرِّقون بين الأحبّة )) . .