الضرائب وحكم توظيفها
مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، أسبغ نعمه على الخلق ظاهرة وباطنة، فلله الحمد أولاً وأخيرًا، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وسيد المرسلين محمد وعلى آله وصحبه، وسائل أنبياء الله أجمعين... وبعد
فإننا إذا أمعنا النظر في أحوال العالم اليوم، وجدنا أن شغله الشاغل ما يعانيه في مشكلاته المعيشية، حيث البطالة تتزايد في معظم أنحاء العالم ويتناقص دخل الفرد. وتبدو ظاهرة الفقر في معظم الدول، إذ عجز الكثير منها عن القيام بالتزاماته تجاه توفير سبل العيش الكريم لأبنائه. والحقيقة أن هذه الظروف التي يعيشها العالم بشكل عام، ودولنا الإسلامية والعربية على الخصوص هي نتاج البعد عن منهج الله وسننه في الكون، فلقد وضع الحق منهجًا شاملاً لكل جوانب الحياة البشرية، نظمها، ووجهها إلى ما يحقق لها الأمن والسعادة في كل مجالات الحياة، فمن أخذ بمنهج الله فقد اهتدى قال تعالى: (قل إن هدى الله هو الهدى)(1)، ومن تولى فوعد الله قائم بالشقاء للمعرضين يقول تعالى: (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشة ضنكا)(2).
فالجزاء من جنس العمل، فمن اعتمد العقل البشري بمعزل عن هدى الله ودون مراعاة لسنن الله في الكون لابد أن يقع في الخطأ ويذوق وبال أمره، وذلك بقصور العقل البشري عن الإحاطة بكل شيء وعجز عن معرفة المستقبل وما يلائمه قال تعالى: (والله يعلم وأنتم لا تعلمون)(3).
ولما كانت دولنا العربية والإسلامية في هذا العصر، قد اعتمدت في نظامها الاقتصادي على تخطيطات غيرها من الدول ونهجت المنهج الرأسمالي وغيره لكنها لم تستطع مسايرة ذلك النظام الوضعي ولا الصمود أمامه لأسباب متعددة اضطرت أن تبدي عجزها عن مواكبة ذلك النظام بعد أن غرقت في مديونية عالمية لتلك الأنظمة الرأسمالية فباتت تملي عليها من الترتيبات والتشريعات الاقتصادية ما تراه يحقق مآربها، وأصبحت دولنا مضطرة لقبول تلك المقترحات، وصارت تقايض في كل عام جدولة ديونها وفق شروط معلنة وأخرى خفية، لما غرقت في مطلبات متزايدة لشعوبها بسبب التطور البشري في العلوم والتكنولوجيا، لجأت إلى وسائل متعددة علها تتمكن من سد المتطلبات الملحة وتأمين الخدمات الضرورية للشعوب، ومن هذه الوسائل توظيف الضرائب المتكررة والمتنامية على الناس بمقادير فاقت قدرة المواطن، وشعر الكل بثقلها منها ما هو بحق ومنها ما هو بدون حق.
لذا رأيت أن أكتب هذا البحث لأبين بإذن الله مدى شرعية فرض الضرائب على الناس والشروط التي تتوافر لذلك.
وقد جعلت خطة البحث على النحو التالي:
مقدمة:
المبحث الأول: التعريف بالضريبة وعلاقتها بموارد بيت المال، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: التعريف بالضريبة لغة واصطلاحًا:
أولاً: تعريفها في اللغة.
ثانيًا: تعريفها في الاصطلاح:
أ?- في اصطلاح علماء الفكر الاقتصادي كمصطلح حديث.
ب?- في اصطلاح علماء الشريعة الإسلامية.
المطلب الثاني: الموارد المالية في الدولة الإسلامية ومدى علاقتها بالضرائب:
أولاً: ماهية الموارد المالية للدولة الإسلامية.
ثانيًا: مدى توافق هذه الموارد مع مفهوم الضريبة في صورتها الحديثة.
المبحث الثاني: حكم فرض الضريبة في الفقه الإسلامي، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: المجيزين لفرض الضريبة.
أولاً: آراء أصحاب المذاهب الإسلامية ومستندهم الشرعي.
ثانيًا: آراء الفقهاء المحدثين.
المطلب الثاني: المانعون لفرض الضرائب وحجتهم في المنع.
المطلب الثالث: مناقشة أدلة الفريقين والترجيح.
المبحث الثالث: مسؤولية فرض الضريبة، وفيه ثلاث مطالب:
المطلب الأول: من له حق فرض الضريبة.
المطلب الثاني: شروط الحاكم الذي يفرض الضريبة.
المطلب الثالث: الشروط المعتبرة لشرعية الضريبة.
المطلب الرابع: شروط جباة الضرائب.
.
.
.
ولدتك أمك يا ابن آدم باكياً **** و الناس حولك يضحكون سرورا
فاجهد لنفسك أن تكون إذا بكوا *** في يوم موتك ضاحكا مسرورا
========================================
الثلاثاء أغسطس 12, 2008 9:01 am من طرف ابوالمخاتير